الاثنين، مارس 16، 2009

هكذا خسر كل شيء!!

هكذا خسر كل شيء.
بقلم:
محمد الشاعر.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ودي يا حبايب قلبي حتة أقصوصة صغننة يا رب تنال رضاكم.
* * *
في الأزمان الغابرة.. كان هناك شخص يعيش وحده..
كان اسمه زياد...
أحس زياد بالملل من الوحدة..
ففكر طويلا وقال:
"لماذا لا أحاول خلق مجتمع لي؟!! أحيا فيه وأستمتع مع أفراده..."
واستطرد سائلا نفسه: "أنا عانيت كثيرا من الوحدة والإهمال.. ولا بد أن يكون
المجتمع الذي سأخلقه لنفسي مجتمعا جميلا, يسوده الحب والوئام, وسأحكمه بنفسي
لأتفادى أخطاء من كانوا قبلي, سيكون مجتمعي هذا ديمقراطيا, فيه من الخير
والحب والسلام,, لن أكره أحد ولن يكرهني أحد"
وفعلا.. خرج زياد إلى الطريق وسار يفكر كيف سيتكون لديه هذا المجتمع؟؟؟
وفي الطريق رأى قطعة أرض وصاحبها فيها فأتاه صاحبنا وقال له: "هل تبيعني تلك
الأرض؟"
فقال له الرجل:-وكان اسمه حسان- "وهل لديك خبرة بالزراعة"
فرد عليه زياد قائلا: "لا, لكنني أريد أن يكون لدي أرض وأهل وأصحاب" فأجابه
حسان"أنا يمكنني أن أبيعك الأرض وأعرض عليك عرضا," قال: "وما ذاك؟"
فأجابه صاحب الأرض: "أنا خبير بالزراعة, أبيعك الأرض تكون ملكك, وهي أرض خصبة
جدا وخيرها وفير, وأعمل لديك أزرع لك الأرض "
فوافق زياد
وبعد قليل أتاه حسان قائلا: "هل سأعمل في الأرض وحدي؟!" فأجابه: "سأعمل يدي
بيدك" فاستغرب الرجل وقال: "أنت تعمل معي؟!! حتى لو كان ذلك فلن يكفي"
واستطرد: "نريد عمالا كثيرين"
وبدأ زياد في البحث عن عمال, فتوافر لديه القليل منهم: وكان من معه من العمال
نشيطين جدا مخلصين جدا.
ومرت الأيام ... وزاد عدد العمال وأسرهم في الأرض,
بدأ زياد يتوسع في الأرض التي تجاوره من الصحراء, ...
لكن الأرض لا تكفي .. بدأ يتحدث إلى رجاله قائلا: "أيها القوم... كما ترون
الأرض التي نعمل فيها لا تكفي حياتنا وعملنا" فأجابه حسان قائلا: "وما
اقتراحك يا سيدي؟" فقال له: " أرى أن نتوسع في القبائل المجاورة لنا ...
نغزوها, ونأخذ أرضهم ونضمها إلى أرضنا, ويعملون لدينا, ويصبحون منا" واستكمل
كلامه قائلا: "أنا لا أريد شرا بهم, سيصبحون إخوانا لنا."
وفعلا كان له ما أراد.. فضم إلى أرضه أراضي القبائل التي هي على مقربة منه.
ولكن...
ما صار إليه الأمر لم يكن كما تصور ..
وذات مساء... جلس إلى نفسه محدثا وقال: "يااه!!! صار مجتمعي الحلم كبيرا
جدا... حتى إني لم أعد قادرا على حكمه وحدي.. وكيف أستطيع ذلك وقد دخلت قبائل
كثيرة إلي ولها ما لها من طبائع, وعادات, وفيها الشرير والخير, وفيها المتمرد
والمطيع,
ما العمل؟؟؟"
وطال انتظاره وتفكيره, وأخيرا ... قرر أن يكون مجلس حكم في الدويلة الصغيرة,
فجمع أهل الدولة وقال لهم:
"ترون ما صار إليه ملكي من اتساع, وسلطتي غطت رقعة كبيرة من الأرض, " فقال
حسان: " هذا لأنك تحكم بالعدل يا سيدي, وتنشر بين رجالك الرحمة" فأجابه: "هذا
حقيقي, لكنني الآن يا حسان أريد أن أعمل مجلسا يحكم تلك الدولة وجيشا يحميها
ويوسع رقعتها" فأجابه حسان: "هذا اقتراح طيب يا سيدي" فقال: "حسان, سيكون
أكبر أفراد المجلس ومعه رجب, ونعمان, "
واستمر في تكوين المجلس الذي أراد,
وكون الجيش الذي يريده, ثم عقب قائلا: "ومجلس حكم الدولة سيكون ضمن الجيش عند
الحاجة"
واتسعت رقعة دولته أكثر وأكثر.. حتى أصبح قائدا يشار إليه بالبنان.
وجلس يخاطب نفسه ذات يوم: "ها أنا الآن قائد لأكبر دولة في المنطقة,,, دانت
لي القبائل كلها وأصبحت صاحب كل تلك الأرض. آه يا لي من قائد عظيم !!. لكن لا
بد أن أثبت ملكي."
ظل يفكر.. ويفكر...
وذات مرة قال: " أن حسان أصبح ذا شأن في الجيش ومجلس الحكم, الكل يحبه...
وأخشى أن ينقلب علي مرة" واستطرد قائلا: "وما العمل مع هذا الحسان؟ لا أستطيع
قتله فهو مهم عند الجيش وعند مجلس الحكم. وإن عزلته فسيحدث انقلابا عظيما قد
لا أستطيع السيطرة عليه."
ظل الأمر مختمرا في رأس زياد, وهو يفكر في كيفية تأمين نفسه من حسان.
وفي ناحية أخرى:
كان حسان جالسا مع أصدقائه من أعضاء مجلس الحكم يتحدثون ويتسامرون فقال حسان:
"والله يا إخوان إن قائدنا لرجل يستحق الإجلال" فرد نعمان: "ولماذا؟ نحن نتعب
ونفكر ونحمل عنه هموم الدولة, وفي الحروب نحن ننافح عن أرض ونقاتل ويقتل منا
من يقتل لأجل توسعة ملكه."
فأجابه حسان: "هذا لأنك رأيت تلك الدولة بعد أن صارت دولة. لم تره وهو وحده
يشتري الأرض ثم يكون الدولة. لم تره.. كم تعب وتحمل من أجل أن يصبح لنا دولة
ذات كيان يهابه كل الجيران." واستطرد حسان قائلا: ]"والله يا إخوان إنه رجل
عصامي بمعنى الكلمة.. وتلك الدولة بالنسبة له هي عمره. وحياته التي أفناهما
فيها"
ابتسم رجب قائلا: "كأنك تعمل له دعايا للانتخاب" قال حسان: " إنه يستحق كل
خير."

انفض السامر, وخرج كل إلى طريقه.
وذات يوم... أتى أحد أعضاء مجلس الحكم إلى حسان مخاطبا: " صباح الخير" حسان:
"صباح الخير يا جعفركيف حالك؟"
جعفر: " أنا بخير, وأنت بخير إن أجبتني إلى الخير الذي أتيتك به" حسان: "وما
ذاك" جعفر:"أتاني رسول من ملك دولة القمح ستان " حسان: "وما يريد. ولماذا
أتاك أنت ولم يأتِ سيدنا القائد؟" جعفر:"اصطبر يا حسان, فلو أتى سيدنا القائد
لما كان أتى من البداية" استغرب حسان من كلامه ونظراته التي تنم عن شر ملحق.
حسان: " تكلم سريعا يا جعفر فمنظرك لا يريحني"
ابتسم جعفر وهو يقول: "تعلم أن دولتنا تأخذ القمح من قمح ستان, والمطلوب هو
استقبال القافلة الآتية من هناك بما عليها من قمح وبنفس أسعار التعامل
الأخيرة"
زادت دهشة حسان من قوله وقال: "وما العجب في ذلك؟!! لم أجد مبررا لذهاب
الرسول إليك وليس إلى قائدنا؟"
جعفر:"المبرر هو أن القمح الآتي في القافلة قمح تالف بنسبة تسعة أعشار
البضاعة تالفة, والعشر صالح, وهذا العشر الصالح. سيكون هو الظاهر والباقي
مختفي" واستكمل جعفر سريعا " وستكون لك نسبة كبيرة في عائدات الصفقة تلك"
وافق حسان على الصفقة. وعلم مكانها وموعدها.
ودبر حسان كمينا محكما للقافلة والرسل وجعفر, وفي اللحظة المناسبة انقض حسان
ورجاله على الجميع وأحكموا القبض عليهم وأودعهم حسان مكان محكم الغلق في
بيته.
واستأمن حسان رجلا يثق به اسمه أسامة على مكان الرسل قائلا: "لا تخبر بمكانهم
أحدا ولا بأمرهم حتى أرى كيف أتصرف معهم بما لا يؤذي مولانا زياد"
أما جعفر فقال : "أخي حسان, أنت أنقذت البلد من تلك الصفقة, وأضعت مالي الذي
كنت سأكسبه, وأنا أعتبره تكفيرا لخطئي, لكنني أريدك أن تعدني وعدا" قال حسان:
"وما هو؟"
قال جعفر: "ألا تخبر سيدنا بما حدث, وأن تكتم لي هذا سرا"
وافق حسان وقال: "سأوافقك على طلبك فقط حتى لا أعكر صفو مولانا"
وذات يوم فكر القائد في أن يوجه ضربة تأديبية لبعض الجيران الذين حاولوا
الاعتداء عليه فقال: "إن الأعداء بدأوا يكيدون لنا ... ولا بد من تأديبهم وضم
أرضهم إلى ملكي" وافق الجميع وتجهز الجيش.
وتسلل جعفر إلى القائد وهو ينظم الجيش فقال له:
مولانا القائد. نظر إليه قائلا: "خير يا جعفر"
"عندي أخبار قد تكون مقلقة لمولانا "
زياد: "خيرا إن شاء الله؟"
جعفر: أعطني الأمان أولا"
زياد: "لك من ي الأمان"
جعفر: "أتتني أخبار بأن هناك مخططا لقتلك. وأن ذلك سيكون في المعركة"
انزعج زياد من الكلام وقال: "ومن ذا الذي يجرؤ على فعل تلك المصيبة؟" واستطرد
قائلا: "إن حسان ورجاله سيكونون في ظهري يحمونني كما هي عادتنا في المعارك"
ابتسم جعفر ابتسامة خبيثة وقال:
"أخطأت الفهم يا مولانا"
استغرب زياد وقال"وما الحقيقة؟"
جعفر: "الحقيقة أن حسان ورجاله سيكونون في ظهرك ليقتلوك من ظهرك"
احمر وجه زياد واستشاط غضبا: استطرد جعفر وقال: "لو أردت الأدلة على صدقي
آتيك"
زياد: "أعلم إخلاصك لي يا جعفر, ولولا أنت ما كانت حياتي آمنة في وسط هؤلاء""
جعفر: "أنا رهن إشارة مولاي."
استدعى زياد قائد إحدى الكتائب وقص عليه ما قال جعفر. ثم قال"أريد أن أؤمن
نفسي منه , " الرجل:"وما العمل؟"
زياد: "ستقتل حسان ورجاله. الكتيبة التي تحت قيادته تفنى كلها."
الرجل: "وكيف يا مولانا؟!!"
زياد: "أثناء المعركة, ستكون كتيبة حسان ورائي للحراسة, وستكون كتيبتك على
مقربة منهم. فإن وجدتم حسان يقترب مني فأحيطوا بهم وأفنوه جميعا,"
وبدأت المعركة. وأبلى فيها حسان بلاءا حسنا. وفجأة رأى حسان جندي من الأعداء
يقترب من زياد
فأشار حسان إلى رجاله أن يجيئوا فيحيطوا بزياد لحمايته خاصة وأن الجندي
المقترب كان طليعة مجموعة كبيرة أتت تريد القائد. فتحركت كتيبة حسان. وبدأت
تحيط بقائدها, هنا رأى الرجل الذي كان يخطط مع زياد لقتل حسان ما يجري فظن أن
هذا هو الوقت الذي أراده قائده. فانقض على حسان وكتيبته
وانقلبت المعركة إلى معركة داخلية: كتيبة حسان محاطة بكتيبة الرجل الذي يريد
قتله. ودار الضرب بين الكتيبتين وسقط منهم قتلى. وطعن حسان طعنة بالغة أودت
بحياته.
وهنا رأى الأعداء ما يجري فجأة في صفوف الجيش المنتصر, فتجمع شملها وبدأوا
يكرون على الجيش مرة أخرى. وبالفعل أتت الفكرة أكلها.
فقد انهزم جيش زياد, نعم انهزم لأن الجيش العدو استغلى فرصة المعركة الجانبية
بين الكتيبتين فانقض على الكتائب يأخذها. وعلى الغنائم يجمعها.
وانهزم الجيش لأول مرة منذ بدء تأسيسه.
نظر زياد حوله فوجد جثة حسان
وكان أسامة حاضرا من البداية, فأتى زيادا قائلا: "لماذا قتل حسان؟"
زياد: وما شأنك؟
أسامة: حسان خسارة كبيرة. وكان يحبك يا مولانا حبا جما.
ابتسم زياد وقال: "يحبني أنا؟!!! لا أظن حسان يبغض أحدا مثلما أبغضني"
قال أسامة: "وكيف ذاك وهو الذي كف جعفر والمجموعة الآتية مع قافلة القمح وقبض
عليهم, "
زياد: "ما خبر تلك المجموعة" فأخبره بخبرها.
وأخبره أسامة بتفاصيل قصة القمح التالف التي تورط فيها جعفر.
فوجم زياد قليلا ثم قال: "الآن فهمت لماذا وشى جعفر بحسان"
وانفجر زياد باكيا وتندم أشد الندم على جندي من أخلص جنوده. وأمر بقتل جعفر
جزاء وشايته.
وخرج زياد من الأرض وهام على وجهه يؤنب نفسه قائلا جملة واحدة: "أهكذا يقتل
القائد جنوده, أهكذا يخسر كل شيء"؟!!!
* * *
أرجو أن تنال تلك القصة رضاكم.
تحياتي لكم

هناك تعليق واحد:

دمعة حزن يقول...

اخي الشاعر قصة واقيعة عنجد بس شو بينفع الندم؟؟؟

فينا نخرب اي عمارة بثواني بس رح نطول بالبناء شكرا